! سبحانك يا ... فريد

Publié le 4 Juillet 2016

مهمة التطبيق والتنفيذ والمراقبة (الجزء الثالث)

 

تطرقنا في الجزء الأول من هذه السلسلة، إلى المقاربة المخزنية التي اعتمدها العامل فريد شوراق في التعامل مع السلطة القضائية، وبينا كيف أن المحكمة الابتدائية لابن جرير أصبحت، بفضل الوضعية الهشة لرئيسها، في سابقة خطيرة عبارة عن ملحقة للعمالة. وتناولنا في الجزء الثاني مظاهر المهمة التمثيلية التي يضطلع بها العامل (الوالي).

ونتناول في هذا الجزء الثالث مهمة التطبيق والتنفيذ والمراقبة، التي أوكلها دستور 2011 إلى الولاة والعمال، ونستحضر الصيغة التي اعتمدها المُشَرِّعُ للتنصيص على هذه المهمة، حيث نقرأ :

"يعمل الولاة والعمال، باسم الحكومة، على تأمين تطبيق القانون، وتنفيذ النصوص التنظيمية للحكومة ومقرراتها، كما يمارسون المراقبة الإدارية".

يجب التنبيه إلى أن الولاة والعمال يقومون بهذه المهة بـ "اسم الحكومة" أي نيابة عنها، وهذا يؤكد ما قلناه من كون العمال والولاة لا يمثلون صاحب الجلالة، بل يمثلون الحكومة بجميع هيئاتها السياسية والإدارية. وتشتمل هذه المهمة على أربعة مهمات فرعية هي: (1) تأمين تطبيق القانون، (2) تنفيذ النصوص التنظيمية للحكومة، (3) تنفيذ مقررات الحكومة و(4) المراقبة.

 

1.   تأمين تطبيق القانون

تطبيق القانون في الحالة التي تهمنا، يتطلب الإجابة على سؤالين:

السؤال الأول لمعرفة عن أي قانون نتكلم ؟ أهي النصوص القانونية المنبثقة عن السلطة التشريعية البرلمان والمصادق عليها والمنشورة بظهير ملكي، أم النصوص المحدثة من طرف فريد شوراق بصفته عاملا فوق العادة ؟

السؤال الثاني منذ متى أصبح العامل سلطة تشريعية تنفرد بقوانينها في الفضاء الذي أصبح جلالته يسود ويحكم في أرجائه ؟

وبما أن السطو المخزني لا يسهل إلا على القوانين الهشة مثل التي تتعلق بالحريات، فقد اختار صاحبنا لجولاته وصولاته، قانون الجمعيات لسببين أولهما قابلية هذا النص للتأويلات المتعددة التي يحتملها. ويعلم الجميع أن إقليم الرحامنة أصبح منذ مجيء فريد شوراق، ينفرد بقانون خاص للجمعيات، يعفي السلطة من تسليم الوصل المؤقت عند إيداع الملف القانوني، بل يحرم من لا ينصاع لأوامر السيد العامل حتى من الوصل النهائي، كما تم بالنسبة لتجديد المكتب المحلي للمركز المغربي لحقوق الإنسان، والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ولتأسيس جمعية يقظة لتتبع تدبير الشأن العام. هذا في الوقت الذي يقوم فيه سيادته بتفريخ جمعيات على مزاجه وتسخيرها لخدمة الحزب الوحيد، الذي جيء بفريد شوراق خصيصا لإرساء ثوابته بالإقليم.

أما السبب الثاني فهو كون الجمعيات تمثل أنجع وسيلة يُمكن أن تُعتمد لتمييع الميدان السياسي على الخصوص، والمثال الصارخ لتفعيل هذه الوسيلة هو الجمعيات السيادية (الموارد البشرية - الخدمات الاجتماعية - التنمية الفلاحية) التي اعترف العامل بنفسه يوم قدم برنامجه التنموي 2016/2018 بكونها غير قانونية، حيث أشرف على إنشائها بنفسه وأوكلها للحزب الوحيد "البام"، مساهمة منه في إتمام بسط سيطرة هذا الأخير سياسيا وهيمنته مدنيا على الإقليم، الشيء الذي يتنافى مع القانون الذي خول العامل لنفسه استباحته دون حياء ولا خجل. ويجب التذكير هنا بالرسائل الاحتجاجية المتعددة التي تم توجيهها إلى الجهاة الإدارية المعنية (الديوان الملكي، رئاسة الحكومة، وزارة الداخلية، وزارة العدل والحريات) والهيئات السياسية والحقوقية المتعددة، التي تعاملت كلها مع اللفات بسياسة النعامة. ولا يسعنا إلا أن نندد بهذا التواطؤ المكشوف للمخزن مع زبانيته ! ونقول إن غدا لناظره قريب.

 

2.  تنفيذ النصوص التنظيمية

يستأثر التنفيذ بالنصيب الأوفر من المزاجية التي برع فيها فريد شوراق، خصوصا في المجال الذي ظن في الأيام الأولى من ولايته على إقليم الرحامنة، أنه محجوب كلية عن أنظار نشطاء حقوق الإنسان: "الأراضي السلالية". ولم يخطر ببال العامل يوما أن أكبر انتكاسة له سيكون ميدانها هو أراضي الجموع.

وقبل الخوض في الموضوع، وجب التذكير بأن مصدر المصائب التي لحقت بذوي الحقوق وكانت سببا في تشريد العديد منهم، هو كون نواب الأراضي السلالية يعينون من طرف السلطة المحلية، التي تفعل بهم بعد ذلك ما تشاء لمن تريد، حيث تملي لهم ما يحلو لها من قرارات تنزع التصرف في أرض مَّا ممن تشاء، وتهبه لمن تشاء، وسنكتفي بثلاث أمثلة ندرجها كما يلي:

المثال الأول يهم سلالية "أولاد عيسى الصخيرة" التي تم طبخ صفقة لكرائها (لكي لا نقول تفويتها) في غياب ذوي الحقوق، وقد أصدر القرار النيابي المتعلق بها عبد الرحمان العلاوي الذي يَمْثُلُ منذ مدة أمام قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بابن جرير، من أجل التزوير وإصدار شواهد غير قانونية. وقد استغرب الرأي العام الرحماني تشبث العامل فريد شوراق المستميت بتنفيد القرار الذي تمت من خلاله الصفقة المشبوهة، وهي الصفقة التي تقدمت منظمة حقوقية بالتحقيق في شرعيتها. وقد علمنا إثر تصفحنا لموقع قطب PALMAGRI التابع لمجموعة برادة، أن الشركة المذكورة تهدف إلى تجهيز 1.500 هكتار في مشاريع فلاحية بالرحامنة لإنتاج الحليب، وهي أكبر مساحة بعد تلك التي تم رصدها من طرف نفس الشركة، لإنتاج التمور بمنطقة الراشدية (1000 هكتار ببودنيب) كما يظهر ذلك من خلال الرسم التالي الذي يبين أهداف المجموعة في أفق 2020. وباطلاعنا على المساحات الشاسعة التي تقدر بآلاف الهكتارات والتي حاول فريد شوراق (وما يزال) تفويتها إلى شركات خاصة أو مجرد خواص، اتضحت لنا جليا الأسباب التي تفسر إصرار العامل على تنفيذ الصفقة ؛

 

 

 المثال الثاني يتعلق بالأرض السلالية لدوار القريات بن الناجم، وهي الأرض التي تم نزع ملكيتها لفائدة المجمع الشريف للفوسفاط سنة 2003 وقام هذا الأخير بتعويض ذوي الحقوق (سكان دوار القريات بن الناجم) سنة 2004، عن الشطر الأول من الأرض. ولما تظلموا لدى عامل الإقليم لينصفهم في مواجهة المجمع الذي رفض تعويضهم عن الشطر الثاني، إذا بهم يُفاجئون بكون أرضهم تم تفويتها تحت إشراف العامل بنفسه إلى أشخاص لا تربطهم أية صلة بالأرض. لكن محكمة الاستئناف بمراكش أنصفت ذوي الحقوق، رغما عن أنف العامل ورئيس المحكمة الابتدائية لابن جرير، ومن تواطأ معهما ؛

المثال الثالث يتعلق برفض العامل تنفيذ قرار مجلس الوصاية النهائي رقم 14/م.و/04/08 الذي استصدره ورثة الشيخ علي الناصري بن الصغير استئنافيا بتاريخ 29 أبريل 2008 في القضية عدد 05/2007. وتجدر الإشارة هنا إلى أن فريد شوراق تنكر في هذه النازلة لقرار صادر عن وزير الداخلية الذي يعتبر (يا حسرة !) رئيسه المباشر. ولعل فريد شوراق يلعب على عامل الوقت لتتقادم القضية (إن لم تكن تقادمت) ليفوت على الناصريين الفرصة لاسترجاع أرضهم. وقد قمنا بالإشارة على ذوي الحقوق بتقديم شكاية إلى المحكمة الإدارية بطلب تنفيذ القرار لكنهم تقاعسوا لسبب هم وحدهم الذين يعلمونه !

 

3.   تنفيذ مقررات الحكومة

من أهم مقررات الحكومة (إن لم نقل أهمها)، الأحكام والقرارات الصادرة عن القضاء، خصوصا أن النطق بها يكون باسم صاحب الجلالة الذي يمثل أعلى سلطة في البلاد وطبقا للقانون.

ونزف إلى الجماهير الرحمانية بشرى توصل الأستاذ عبد الصادق عبيد الذي ينوب عن مبارك بلفصال غريم عبد الفتاح كمال، في قضية إبطال العملية الانتخابية التي أسفرت عن نجاح هذا الأخير في دائرة لقسامة، إلى استصدار القرار رقم 214-4-1-2016 بتاريخ 11/02/2016 في الملف رقم 298/2016  الصادر عن محكمة النقض والمؤيد للحكمين الابتدائي والاستئنافي القاضيين ببطلان العملية الانتخابية التي أوصلت عبد الفتاح كمال إلى رئاسة المجلس القروي لجماعة الجعافرة، ثم إلى رئاسة المجلس الإقليمي للرحامنة. ونود أن نذكر بالمناسبة بأن عامل الإقليم رفض لحد الآن تنفيذ قرار محكمة النقض رغم توصله بنسخة تنفيذية منه، مشترطا توصله بنسخة أصلية ليقوم بتنفيذه. وسنرى كيف سيتعامل فريد شوراق مع القضية الأسبوع المقبل بعد توصله في النهاية بالنسخة الأصلية للقرار، وإن كان سيتمادى في استهتاره بأسمى قانون للدولة، الدستور الذي يلزم حتى أعلى سلطة في البلاد صاحب الجلالة، مع التذكير أن الأحكام القضائية يُنطق بها باسم جلالته. ألم نقل لكم إن غدا لناظره لقريب ؟

فيما يلي نسخة من قرار محكمة النقض

 

ومما يضفي المزيد من التفاؤل على هذا التطور المفاجئ لمجريات الأمور

بالرحامنة، الذي تزامن لحكمة يعلمها الله مع ليلة القدر التي قال عنها سبحانه في أوائل سورة الدخان " حم والكتاب المبين إنا أنزلناه في ليلة مباركة أنا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم أمرا من عندنا ..." وصدق ربنا العظيم، خبران من الأهمية بمكان. أما الأول فهو تمكن الشاب المناضل الأسمر غريم عبد الفتاح كمال في رئاسة مجلس جماعة الجعافرة، من الانتقال هو وزوجته، بعد مشاركتهما في الحركة الانتقالية لأساتذة التعليم الابتدائي،  من ورزازات إلى جماعة الجعافرة، كأن الله يرتب لإقصاء كمال من هذه الجماعة التي قضى 12 سنة جاثما عليها. وأما الحبر الثاني فهو نجاح الأخ عبد الغفار الموفق الرئيس السابق للفرع المحلي للمركز المغربي لحقوق الإنسان في الرجوع إلى موطنه الأصلي "سبت لبريكيين"، بعد قضائه سنة بمدينة بن أحمد. ولا يسعنا إلا أن نهنئ هؤلاء الإخوين برجوعهما سالمين غانمين إلى الرحامنة، ونَحُثَّهُمَا على مواصلة النضال من أجل محاربة الفساد والمفسدين.

 

4. المراقبة

يظهر جليا لكل متتبع للشأن العام بإقليم الرحامنة أن فريد شوراق يتخذ من كلمة "التواطؤ" مرادفا لمصطلح "المراقبة! وقد سقنا أمثلة متعددة لمواقف عامل الإقليم للتستر عن المفسدين، بل لحمايتهم ضدا على القانون. ومن الملفات التي افتضح أمره من خلالها، ملف التجزئة العشوائية التي كان من المفروض أن تُسقط رؤوسا كثيرة من المسؤولين عن تدبير شؤون التعمير بالجماعة الحضرية لابن جرير، والتي لا يزال الملف المتعلق بها يقبع بثلاجة النيابة العامة، دون اتخاذ أي إجراء في الموضوع. وآخر ملف فاحت رائحته منذ أيام قليلة، ملف التلميذة (أو الطالبة) التي يبدو أن عبد الفتاح كمال حاول، بصفته رئيسا للمجلس الإقليمي وهي الصفة التي يغتصبها منذ مدة بتواطؤ مع العامل، حرمانها من الاستفادة من منحة تستحقها. ولا ندري إن كان السبب هو كون أبيها صديقا لمصطفى عشاق، أم لكونه ينضوي تحت جماعة العدل والإحسان. ونكتفي في هذا الجزء الثالث من السلسلة الرمضانية التي دشناها في بداية الشهر الفضيل، راجين من الله أن نكون من عتقائه من النار.

محمد لعبادي

ترقبوا الجزء الرابع قريبا ...

Rédigé par Laabadi's

Publié dans #DEVELOPPEMENT DURABLEE

Repost0
Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article