أَهو شُؤْمٌ يطارد الرحامنة أم ماذا ؟ ج. 4

Publié le 12 Décembre 2014

السعيدية وسيدي بوعثمان: وجهان لجريمة واحدة

(المرحلة الثانية)

 

نذكر القراء الأعزاء أننا نشرنا في المرحلة الأولى من هذا الجزء الرابع دراسة الوجه الأول للجريمة الذي يتعلق بمدينة السعيدية، وها نحن اليوم ننشر في المرحلة الثانية، الوجه الثاني للجريمة التي ارتكبت في حق سيدي بوعثمان، بل في حق الرحامنة، والتي ساهم فيها بقسط وافر التهامي محيب، ويرعاها بإخفائها والتستر عن مقترفيها منذ تعيينه عاملا فريد شوراق، الذي يركز اهتمامه على ابن جرير (لكونها تمثل الكتف)، متناسيا سيدي بوعثمان، صخور الرحامنة، بوشان ورأس العين.

 

2. سيدي بو عثمان الوجه الثاني للجريمة

ما زلنا نَذْكُرُ التحمس الذي كان يُعلنه التهامي محيب بصفته مديرا لغرفة التجارة والصناعة والخدمات لقلعة السراغنة، وتَبَنِّيه غير المشروط لأول منطقة صناعية تستقبلها الرحامنة. ولن ننسى إطناب الرجل في الثناء على المشروع، ومدح مزاياه، عبر الحملة الضخمة والممنهجة التي قادها للدعاية للمنطقة الصناعية، والتي كلفت الغرفة المهنية التي يديرها، لا محالة ميزانية باهظة.

 

تقع المنطقة الصناعية لسيدي بو عثمان، التي أوكلت تهيئها إلى مؤسسة العمران، على الطريق الوطنية رقم 9، الرابطة بين الدار البيضاء ومراكش، على بعد 30 كلم من هذه الأخيرة. وتمتد على 107 هكتار مقسمة إلى 357 بقعة، مبرمجة على ثلاث مراحل (الشطر الأول 128 – الثاني 144 – الشطر الثالث 85 بقعة) تتراوح مساحة الواحدة منها بين 250 إلى 15.000 م2، بثمن يتراوح حسب المساحة بين 115 و190 درهم للمتر المربع. وقد خُصِّصَ لها غلاف استثماري يقدر بـ: 143 مليون درهم، وكان من المفروض أن توفر 10.000 منصب للشغل. وقد تم بيع  165 من أصل 357 بقعة أي 46,21 % من المجموع http://bit.ly/1yaxTB1.

ومن المؤسف أن المنطقة لم تعرف النجاح المتوقع، حيث يصل مجموع الوحدات التي تم إنشاءها والتي تمارس نشاطها 15 شركة على أبعد تقدير، أغلبها من صناعات الصنف 2 و3 وهي بالخصوص عبارة عن ورشات للصناعة التقليدية (نجارة، كهربة، سباكة، ...). ومن الأسباب التي أدت إلى هذه الوضعية عزوف بعض أرباب الصناعات الذين كان من المفروض أن ينقلوا وحداتهم إلى سيدي بو عثمان لظروف تبدو معقولة (عدم توفر يد عاملة مختصة، عدم توفر وسائل لنقل العمال، ...)، والمضاربة العقارية التي تورط فيها الجميع من سلطات ومجالس منتخبة. وقد تطرقت إحدى الصحف المختصة إلى المشكل الذي تعاني منه المناطق الصناعية لجهة مراكش – تانسيفت – الحوز برمتها، في مقال تحت عنوان "فرط في البنيات الصناعية وشح في الصناعة"، أفادت فيه بسخرية أن القطاع الصناعي في الجهة نوع في طريق الانقراض http://bit.ly/1Bis2eb .

 

أية مفارقة: منطقة صناعية في بيئة ذات هوية فلاحية غابوية !

كيف يمكن تصور منطقة صناعية في بيئة ذات هوية فلاحية/غابوية، خصوصا إذا علمنا أن البقعة المخصصة للمشروع تقع على مشارف الفرشة المائية الجوفية، التي طالما تغنى بها التهامي محيب في مداخلته الخالدة التي كان يجترها في كل مناسبة ؟ وكنا قد ذكرنا كيف أن العامل أوشن على إقليم قلعة السراغنة، قبل انفصال الرحامنة عنه، ساهم في تراجع هذه الفرشة بالتعاقد مع مستثمرين إيطاليين اعتمدوا تقنية الري بالأدرع المحورية التي ثبت في ما بعد تبديدها الخطير للموارد المائية. كما كنا قد أثرنا مع مسؤولين عن مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط، التبديد الذي كان يتسبب فيه المكتب لهذه البحيرة المائية الجوفية التي تمتد إلى منطقة الڭنتور، باستخراجه لطنين من الماء عن كل طن مستخرج من الفوسفاط، مياه كانت تلقى في الطبيعة، إلى أن تم الاهتداء إلى إعطائها للسكان المحليين الذين إقاموا عليها مشاريع فلاحية صغيرة انتشلت الكثير منهم من براثين الفقر.

والشيء الذي لا يفهم، هو كون الصحافة المكتوبة على الخصوص، الجهوية منها والوطنية، لم تقم بدورها في التعاطي مع المنطقة الصناعية لسيدي بوعثمان. وكان أول من تعاطى مع هذا الموضوع هي الصحافة الإلكترونية المحلية والجهوية. وأول ما يلاحظه المبحر على أمواج "Google" باللغة العربية ، بقطع النظر عن المواقع التي تقدم ورقة تقنية موجزة عن المنطقة، أربع مقالات جاءت كلها مقتضبة سطحية تنبه إلى مشكل مَّا دون أيما تحليل، منشورة على صفحات جرائد إلكترونية محلية محدودة المقروئية:

المقال الأول تحت عنوان : " متى سيتم تأهيل المنطقة الصناعية بسيدي بوعثمان بالرحامنة ..." http://bit.ly/1s4EVAc ؛ المقال الثاني تحت عنوان "المنطقة الصناعية بسيدي بوعثمان: جعجعة بلا طحين .. !! http://bit.ly/1rZkzIw ؛ المقال الثالث تحت عنوان : " جريمة حقيقية بحق غابة سيدي بوعثمان والمتهم المنطقة الصناعية"، http://bit.ly/1yp3sWH ؛ والمقال الرابع تحت عنوان "جريمة بيئية...نفايات المنطقة الصناعية تجهز على أشجار غابة سيدي بوعثمان بإقليم ابن جرير": http://bit.ly/12yWjau .

أما إذا أبحرنا على أمواج "Google" باللغة الفرنسية، فسنلاحظ ندرة في المعلومات حول المنطقة الصناعية لسيدي بوعثمان، خصوصا في ما يتعلق بالتغطية من طرف الصحافة الوطنية المكتوبة. وتكاد تكون جريدة "L’économiste" الوحيدة التي تعاطت مع موضوع المناطق الصناعية بجهة مراكش – تانسيفت – الحوز على العموم سنتي 2007 و2008، بمقالين سبقت الإشارة إليهما.

 

اختيار سيدي بو عثمان كمزبلة خلفية لمراكش

إن مثل سيدي بوعثمان كمثل السعيدية، حالتان أحاطهما المسؤولون بسرية مطبقة وتعتيم استراتيجي، اللهم ما كان من قبيل "كلشي زوين"، ليتضح بعد مدة أن الأمر فيه "إن". والفرق الوحيد بين الحالتين هو أن "رمانة" السعيدية انفجرت مرة واحدة، بينما فضيحة سيدي بو عثمان بقيت قنبلة موقوتة سنساعد على تفجيرها إن شاء الله انطلاقا من هذه المساهمة المتواضعة.

ورغم التعتيم والسرية، توصلنا بتوفيق من الله، إلى مقال كان قد أدرج خلال شهر يوليوز من سنة 2007، في الوقت الذي كان فيه التهامي محيب في أوج حملته لتسويق منتج المنطقة الصناعية لسيدي بو عثمان، وهو مقال نشر في الجريدة الإلكترونية المحلية "Made in Marrakech"، عنونت له كالتالي: "خطة لانقاذ مقاولات الدباغة"، يمكن للقراء الاطلاع عليه وتحميله على الرابط http://bit.ly/1yazQxy. وقد اتضح لنا بعد قراءة هذا المقال واستيعابه أن برمجة منطقة صناعية بسيدي بوعثمان لم تأت، لا حبا في هذه القرية ولا عشقا في الرحامنة، بل لحاجة في نفس يعقوب قضاها. وقد علمنا عبر المقال أن المبادرة جاءت من طرف الفدرالية المغربية للصناعات الجلدية بشراكة مع جمعية الدباغين بمراكش، لتخليص مراكش من "الدباغة" وهي صناعة ملوثة بامتياز ولصيقة بالمدن العتيقة (مراكش، فاس، مكناس)، والتي تعتبر شرًّا لا بد منه لكونها تمد أحد القطاعات الفرعية للصناعة التقليدية (صناعة الجلد) بالمادة الأولية الأساسية، مع العلم أن الصناعة الجلدية ما زالت، رغم الإكراهات التي تعيشها، تساهم بشكل كبير في التشغيل. والحمد لله على ألطافه التي جعلت الكثير من مقاولات الدباغة لم تستجب للإغراءات التي اعْتُمِدَت لإقناعهم بنقل نشاطهم المهني إلى سيدي بوعثمان، لأسباب ذكرنا ببعضها سابقا. ويستحيل لمن دخل إلى المنطقة الصناعية أن يعرف من هي المقاولات التي تباشر نشاطها وما هي الأنشطة التي تباشر. لكننا توفقنا إلى رصد مقاولتين للدباغة ومصبنة صناعية، ثلاث وحدات كانت كافية لتغيير مظهر المنطقة وإغراقها في أوحال لا يعلم مدى خطورتها إلا الله، في غياب تام للسلطات، الأقليمية منها والمحلية، التي أكد العامل شوراق عن تواطؤها بما لا يدع مجالا للشك.

هل أتاك حديث الذين "بْنَوْ الدَّارْ وَنْسَوْ البَاب" ؟

مثل سقناه رغم مرجعيته العنصرية، والسبب أنه ينطبق تماما على فضيحة المنطقة الصناعية لسيدي بوعثمان التي فكر المخططون في بعديها: الاجتماعي (التشغيل الذي تبين أنه مجرد وَهْم)، والاقتصادي (إقامة نواة لإقلاع صناعي لمنطقة الرحامنة، الهدف الذي يبقى صعب المنال في غياب المهنية)، لكنهم نسوا البعدين الأساسيين اللذين يتم باعتمادهما من أجل إدراج المشروع في التنمية المستدامة: البعد البيئي حيث لم يتم التفكير في إقامة وحدة لمعالجة المياه العادمة الناتجة عن الصناعات الملوثة، والبعد المتعلق بالحكامة الذي يعتبر حجر الأساس لهكذا تنمية، حيث أغمضت السلطات بجميع مستوياتها، أعينها على المضاربات العقارية، بتجاهلها لمقتضيات دفاتر التحملات، واستغلال سلطتها التقديرية لأغراضها الشخصية بالنسبة للسلطات الترابية، والانتخابوية بالنسبة للجماعات المحلية. وقد تم تزويد المنطقة بقنوات التطهير السائل، لكن لم يفكر أحد في مصير المياه العادمة ومآلها، فتم توجيه النفايات السائلة إلى الطبيعة عبر قناة عارية ظاهرة للعيان على الطريق الوطنية رقم 9 في اتجاه مراكش، فبدأ "المسك يتبخر والبعوض يتبختر"، واتسعت رقعة  الفضيحة لتتسرب المياه القذرة عبر قنيطرة تحت الطريق الوطنية وأخرى تحت خط السكة الحديدية لتلوث الغابة والحقول كما يظهر من خلال الربورتاج الذي أنجزناه بحول الله مع قوته.

تمثل الصورمن 1 إلى 3 المياه العادمة للمنطقة الصناعية التي تراكمت على مدى سنوات، إلى أن أحس المجرمون أن الوضع أصبح يهدد بقاءهم، فأقدموا على طمس معالم الجريمة كما يظهر في الصورة رقم 4.

وفي يوم من الأيام انقطع الصبيب وظن الكل أن المشكل قد تم حله بطريقة أو بأخرى. لكن بعد سنة تقريبا بدأت بقع للمياه العادمة تظهر على جنبات الطريق في اتجاه ابن جرير الشيء الذي أثر على أشجار الغابة التي بدت كأنها تحترق قبل أن تموت. وقد أثارت هذه الكارثة فضولنا فقمنا بتحريات ميدانية، خصوصا أن عملية التمويه كانت في هذه المرة أكثر إحكاما بحيث تم حفر خندق على طول الطريق في اتجاه ابن جرير، بطريقة لا يمكن لمعتادي الطريق أن يروا معها الخندق إلا إذا تَرَجَّلُوا.  ولمعرفة مصدر المياه وجب تتبع السيلان في الاتجاه المعاكس (اتجاه مراكش) للعثور على فوهة جديدة على بعد 4 كلم تقريبا من الفوهة الأولى التي تم إغلاقها (الصورة رقم 4).

وقبل عرض الصور وفيديوهات الإثبات، نود أن نذكر القراء أن فريد شوراق (الراعي الأمين للجريمة) الذي يحرص دائما على اصطحاب التهامي محيب (أحد المساهمين فيها)،  قام أياما قليلة بعد تنصيبه عاملا على الإقليم في أواسط 2010، بزيارة للمجلس الحضري لسيدي بوعثمان. وكان قد وعد بالمناسبة، في جواب على سؤال لأحد أعضاء المجلس، بحل المشاكل المتعلقة بالمنطقة الصناعية، لكن يبدو أن كلام النهار يمحوه الليل، إذ بمجرد ما وطأت قدماه سيارته نسي أو تناسى ولم يجد له المجلس الحضري عزما ؟ تماما كما وعد بإصلاح واحتضان خطارات سيدي بوعثمان، ولم يف بوعده وترك معلمة أثرية يعود تاريخ تشييدها إلى القرن السادس، عرضة للضياع، رغم طلباتنا المتعددة له ولعاملين قبله بإحاطتها على الأقل بسياج وتعيين حارس عليها.

ويمكن للقارئ أن يشاهد الصور من 5 إلى 12، الناطقة والصادمة التي ضُبِطْنا مُتلَبِّسِين باقترافها، بعيد عصر يوم من أيام شهر أكتوبر 2014. كما ننصح بمشاهدة الفيديوهات الثلاثة المرفقة لهذا المقال.

 

ومما يثير الاشمئزاز، كون سائق الشاحنة التي ضبطناه وهو يتخلص من حمولة شاحنته حاول تبرير ما يفعله بأي شيء كان وكيفما كان، حيث قال لنا بالحرف : "وَاحْدْ السَّيَّدْ كَايْدِيرْ عْلـَى هَذْ لْمَا الضّْرَى وُكَتَصْدَقْ تْبَارْكْ الله"، في محاولة لإيهامنا بأن ما يقوم به لا يمثل أي خطر على البيئة. ولما سألنا بعض سكان الدواوير المجاورة، على الطريق المؤدية إلى لَمْحَرَّة، أكدوا لنا على أنهم يقومون بطرد سائقي هذه الشاحنات حين يحاولون التخلص من حمولة شاحناتهم قرب التجمعات السكنية، الشيء الذي يدفع السائقين إلى إفراغ سمومهم بالوديان والشعاب المجاورة.   

لقد حاولنا تقريب القراء من الأعمال الفرعونية التي قام بها فريد شوراق لما كان مديرا للمركز الجهوي للاستثمار بالجهة الشرقية، والتي جعلت فؤاد عالي الهمة يلهت وراءه لتعيينه عاملا على إقليم الرحامنة. والآن نود منهم الحكم إن كان صاحب سيدنا "جَابْ لَرّْحَامْنَ مَا جَابْ زَرِّي لَوْلاَدُو" أم لا ؟

 

محمد لعبادي

ترقبوا الجزء الخامس والأخير قريبا

 

 

أَهو شُؤْمٌ يطارد الرحامنة أم ماذا ؟ ج. 4
أَهو شُؤْمٌ يطارد الرحامنة أم ماذا ؟ ج. 4
أَهو شُؤْمٌ يطارد الرحامنة أم ماذا ؟ ج. 4
أَهو شُؤْمٌ يطارد الرحامنة أم ماذا ؟ ج. 4
أَهو شُؤْمٌ يطارد الرحامنة أم ماذا ؟ ج. 4
أَهو شُؤْمٌ يطارد الرحامنة أم ماذا ؟ ج. 4
أَهو شُؤْمٌ يطارد الرحامنة أم ماذا ؟ ج. 4
أَهو شُؤْمٌ يطارد الرحامنة أم ماذا ؟ ج. 4
أَهو شُؤْمٌ يطارد الرحامنة أم ماذا ؟ ج. 4
أَهو شُؤْمٌ يطارد الرحامنة أم ماذا ؟ ج. 4
أَهو شُؤْمٌ يطارد الرحامنة أم ماذا ؟ ج. 4
أَهو شُؤْمٌ يطارد الرحامنة أم ماذا ؟ ج. 4

Rédigé par Laabadi's

Publié dans #DEVELOPPEMENT DURABLEE

Repost0
Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article