"! سبحانك يا ... فريد"

Publié le 12 Juin 2016

(الاستحواذ على القضاء (الجزء الأول

 

لعل لفظ "الفريد" من أسماء الله الحسنى، خصوصا أنه يؤدي نفس المعنى لصفتي "الواحد" و"الأحد" أي الذي ينفرد بالوحدانية. غير أننا هنا نقصد إنسانا، هو قاب قوسين أو أدنى من الإعلان عن أُلوهيته، والعياذ بالله، ويتعلق الأمر بـ: فريد شوراق عامل إقليم الرحامنة.

وترجع بنا الذاكرة إلى قصة طريفة وقعت بابن جرير أواخر خمسينات القرن العشرين، كان بطلها امحمد الهواري، وكان رجلا كريما عُرف بحبه لحملة كتاب الله ومصاحبته لهم، لدرجة أنه أصبح يحفظ بعض الآيات القرآنية. وذات ليلة كان مع "الطلبة" في ضيافة أحد أعيان ابن جرير آنذاك، وكانوا يتلون ما تيسر من سورة النازعات، وبلغوا قول الله تعالى "فَكَذَّبَ وعَصَى، ثُمَّ أدْبَرَ يَسْعَى، فَحَشَرَ فَنَادَى، ..."، وتشابهت عليهم الآيات فسكت الجميع. فإذا بـ امحمد الهواري يقول بأعلى صوته : "...أنَا رَبُّكُمُ الأعْلَى". وكان من بين الطلبة رجل اسمه سي جيلالي الرڭيطي، معروف بخفة روحه، فأجابه "سُبْحَانَكَ يَا امْحَمَّدْ" قاصدا الهواري، فضحك الحاضرون، ثم استغفروا الله وتابعوا سهرتهم القرآني

 

كنا قد ذكَّرنا القراء بالصلاحيات التي أسندتها المادة 145  من دستور 2011 للعمال والولاة، وهي محصورة في أربعة مهام :

  • مهمة التمثيل: "يمثل ولاة الجهات وعمال الأقاليم والعمالات، السلطة المركزية في الجماعات الترابية" ؛
  • مهمة التطبيق، والتنفيذ، والمراقبة: "يعمل الولاة والعمال، باسم الحكومة، على تأمين تطبيق القانون، وتنفيذ النصوص التنظيمية للحكومة ومقرراتها، كما يمارسون المراقبة الإدارية
  • مهمة المساعدة: "يساعد الولاة والعمال رؤساء الجماعات الترابية، وخاصة رؤساء المجالس الجهوية، على تنفيذ المخططات والبرامج التنموية" ؛
  • مهمة التنسيق: "يقوم الولاة والعمال، تحت سلطة الوزراء المعنيين، بتنسيق أنشطة المصالح اللاممركزة للإدارة المركزية، ويسهرونعلى حسن سيرها".

​وبعد بسط الموضوع، سنحاول كعادتنا تحليله معتمدين في ذلك على تعامل السيد عامل الإقليم مع هذه المهام، منذ أن وطأت قدماه أرض الرحامنة في أول تجربة له كعامل، على إقليم يبدو كأنه أحدث خصيصا من أجل هذا الرجل وعلى مقاسه (عامل جديد على إقليم جديد).

وأول ما نبدأ به هو المقاربة التي اعتمدها العامل في تعامله مع السلطة القضائية التي من المفروض مبدئيا أن تتمتع باستقلالية تامة بالنسبة للسلطة التشريعية والسلطة التنفيذية التي يمثلها العامل في الإقليم.

 

 

عاشت الرحامنة منذ الانتخابات الجماعية الأخيرة على وقع مسلسل الجعافرة الذي بدأ بتكسير صندوق الاقتراع بدوار لقسامة، واستمر بالحكم على الفاعلين بمدد لم يستسغها لا الرأي العام ولا قضاة محكمة الاستئناف بمراكش، لينتهي بإبطال العملية الانتخابية لرئيس الجماعة والبرلماني عن دائرة الرحامنة عبد الفتاح كمال، ابتدائيا واستئنافيا وعلى مستوى النقض.

ومما يؤكد أن العامل فريد شوراق (سبحانه !) مسؤول فوق العادة، كونه ما زال يتلكأ في تنفيذ الحكم النهائي الصادر عن محكمة النقض، رغم توصله بنسخة تنفيذية من قِبَلِ محكمة الاستئناف، وذريعته في ذلك هو كونه ينتظر نسخة طبق الأصل من قرار محكمة النقض. والأمر يستدعي بعض الملاحظات نوجزها فيما يلي:

  • فيما يخص القرار، كيف يعقل أن يحدد قانون الانتخابات مدة 60 يوما لإصداره من طرف محكمة النقض، ولم يشفعه بـ: التحرير والنفاذ المعجلين ؟ أم أن العامل يتطاول على القانون و "اللِّي خَلِّفُوهْ" ؟ أليست تعليمات انتقامية من وزارة الداخلية ضد "المرمطة" التي ما فتئ يعاني منها المخزن بالرحامنة منذ اعتماده عاملا دون المستوى بإقليم الرحامنة ؟ هل يُعجز فريد شوراق لهذا الحد وزارة الداخلية، أم أن الإشاعة المروجة من طرف البعض، من كون فؤاد عالي الهمة هو من يحمي العامل، أصبحت حقيقة مؤكدة ؟
  • ألم يكن لزاما على العامل، على الأقل أن يعلق نشاط عبد الفتاح كمال بصفته رئيسا للمجلس الإقليمي ؟ ألا يُعتبر تركه يتباهى بسيارة المجلس، في استفزاز غير مسبوق لساكنة عانت الكثير من حماقات هذا الرجل، انتقاما لفريد شوراق من سكان الجعافرة الذين وقفوا بشكل ندي ضد صفقاته المشبوهة ؟
  • ثم ماذا عن التطور المفاجئ والخطير المتمثل في والوفاة المشبوهة لـ: "حسن بلفصالشهيد الجعافرة، وأحد إخوة رشيد بلفصال المتهم هو وابنه وأبناء عمومة له، في قضية تكسير صندوق الاقتراع ؟ وهل هي جريمة يرجا التغاضي عنها، كما تم التغاضي عن تنفيذ الأحكام النافذة الصادرة في حق ابنتي أخت عبد الفتاح كمال، في قضية مقتل ميلود الحجلي، إلى أن حصل التقادم ؟ وقد بلغنا ونحن منغمسين في كتابة هذه السطور أن رجال الدرك انتقلوا إلى أولاد مكاك وسألوا زوجة الهالك حسن بلفصال، إن كانت على علم بكون زوجها كانت له عداوة مع أحد، وهو الشيء الذي يؤكد أن التشريح قد يكون أفضى إلى أن الرجل قد تمت تصفيته ؛
  • إلى متى سيستمر هذا المسلسل الرديء ؟ ألم يَنِ للمسؤولين على أعلى صعيد، أن يتبينوا حالة الاحتقان التي بلغت ذروتها بالإقليم، حيث تم التوافق لأول مرة من طرف الهيئات السياسية والنقابية والجمعوية على تأسيس "الجبهة الموحدة للدفاع عن المطالب الإجتماعية لساكنة الرحامنة"، وهو التكتل الذي ما فتئ يُصَعِّدُ من أساليبه الاحتجاجية ؟
  • وماذا عن الكيل بمكيالين في القضايا المعروضة على المحكمة الابتدائية لابن جرير، التي أصبحت حسب تعبير أحد الأساتذة المحامين، منذ تعيين رشيد بوسكري رئيسا لها، مجرد ملحقة لعمالة إقليم الرحامنة. ولا يسعنا إلا أن نقول للقضاة "باز" لتحملهم الضغط الذي يتعرضون له في كل حين، رغم كون ذلك لا يعفيهم من المسؤولية الملقاة على عاتقهم. فمن جهة نجد القضايا التي يُتهم فيها المناضلون الحقوقيون، التي تمر مساطرها مر السحاب، مثل القضية موضوع الملف 4053/2801/2016 (على سبيل المثال لا الحصر) التي تم البث فيها ابتدائيا بأمر من رئيس المحكمة وتنفيذا لتعليمات سيده العامل، في أجل قياسي لم يتعد " 35 يوما "، الشيء الذي يؤهلها للإدراج في كتاب "ڭينس" للأرقام القياسية. ومن جهة أخرى نجد القضايا التي تهم بالخصوص المال العام التي تُراوح مكانها، لسبب بسيط هو كون النيابة العامة على صعيد المحكمة الابتدائية تكيفها "جنائية" لترمي بها في أحضان النيابة العامة بمحكمة الاستئناف، لتكيفها هذه الأخيرة "جنحية" لإرجاعها ثانية إلى المحكمة الابتدائية ! فإلى متى سيتم التلاعب بقضايا المواطنين الشرفاء ؟ هكذا هو الشأن بالنسبة لطلب التحقيق في قضايا تهم تدبير الشأن والمال العامين، تقدمت بها إحدى الهيئات الحقوقية، ناهيك عن قضية المستشارة الجماعية السابقة التي أصبحت جاهزة لا تنقصها إلا الإرادة في إحقاق الحق ولو كره المجرمون. ولا يفوتنا أن نتساءل عن الاستعجال المبالغ فيه الذي تتعامل به المحكمة ورئيسها مع قضية مصطفى عشاق، بقطع النظر عن حيثيات الملف، لمجرد كونه كان ينتمي إلى منظمة العدل والإحسان، ونظرا للدور المحوري الذي لعبه في الإطاحة بالبرلماني عبد الفتاح كمال.

محمد لعبادي 

                                                                                                      (ترقبوا الجزء الثاني قريبا)

 

 

 

 

"! سبحانك يا ... فريد"

الاستحواذ على القضاء (الجزء الأول)

Rédigé par Laabadi's

Publié dans #DEVELOPPEMENT DURABLEE

Repost0
Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article