(9) الصناعة التقليدية في منطقة الرحامنة

Publié le 19 Novembre 2009

أولا استسمح القراء الأعزاء عن هذا الغياب غير المقصود

 

من أجل إستراتيجية تنموية

 

هكذا هي وضعية الصناعة التقليدية و هذا هو شأن الصناع التقليديين في منطقة الرحامنة. فماذا يجب علينا فعله كمثقفين مسؤولين عن النهوض بهذا القطاع الذي يعتبر من الأولويات الإستراتيجية في التنمية الوطنية ؟ و هل المسؤولون على الصعيد المحلي و الإقليمي و الجهوي سجلوا هذا القطاع في أجندتهم التنموية ؟ و ما هي الإستراتيجية التي اعتمدوها للنهوض بهذا القطاع الذي تبني عليه الدولة آمالا كبيرة في العملية التنموية ؟ هذه الأسئلة و غيرها، سنتطرق ابتداء من هذا المقال، راجين أن تكون هذه الدراسة بمثابة الحافز لأولي الأمر، حتى يلتفتوا إلى هذا القطاع الذي يمثل رافعا للتنمية المحلية، كما هو الشأن على الصعيد الوطني. و ليعلم الجميع على أن الأمر لا يستوجب مجرد عمليات ترميمية، بل نظرة شمولية، و السبب أن "الخـَرْقَ اتـَّسَعَ على الرَّاقِـع" لدرجة لا ينفع معها الترميم

 

 

 

شـروط مـسـبـقة

 

أول ما يثير الانتباه في الإستراتيجية المعتمدة من طرف عمالة إقليم قلعة السراغنة، هم كونها تتغير بتغير المسؤول الأول أي العامل. و هذا الأمر ليس غريبا في المغرب، إذ يعد من الأسباب الرئيسية التي كانت وراء انهيار المنظومة التربوية مثلا. و السبب هو الخلط القانوني بين المرفق العمومي و المسؤولين عنه. فمن المسلمات أن يرفض عامل أو رئيس جماعة محلية أن يؤدي لإحدى المؤسسات الممونة للمصالح التابعة له ثمن فاتورة تتعلق بعمل كان قد طلب إنجازه العامل أو الرئيس السابق، بل قد يبلغ الاستهتار إلى حد قول المسؤول بكل وقاحة "سير عند هذاك اللي طلب ليك الخدمة يخلصك". و للرجوع إلى العمالة التي تهمنا، استغربنا كثيرا لما علمنا على سبيل الصدفة، بأن الصناعة التقليدية التي تعد أكبر رافع كما تمت البرهنة على ذلك من خلال الدراسة التي أجريت على القطاع الذي كان من أولويات العامل السابق، تم التخلي عنه، لأن العامل الجديد يؤمن أكثر بالمشاريع الكبرى. و السؤال الذي كان من الواجب طرحه على العامل هو: ماهي أولوية الأولويات، الاجتهاد في ابتكار أنشطة مدرة للدخل للرفع من المستوى المعيشي للساكنة و الخروج بها من دائرة الفقر أم جلب مستثمرين كبار لخلق مشاريع ضخمة آخر من يستفيد منها هم السكان ؟ و لتقريب القارئ أكثر من الصورة، ندرج في ما يلي مقارنة بسيطة بين مشروعين أحدهما ضخم (مشروع رونو لصنع السيارات بطنجة)  و الآخر صغير (تعاونية الصبار بجماعة سيدي عبد الله)، لنرى مَن الأفيد بالنسبة السكان و بالتالي لاقتصاد المنطقة ؟

 

 

 

الاستثمار

بالدرهم

مناصب الشغل المحدثة

 

كلفة* المنصب

بالدرهم

طبيعة العمل

المباشرة

غير المباشرة

وحدة رونو لصناعة السيارات بطنجة

6.600.000.000

6.000

30.000

183.333

مأجور

تعاونية تحويل الصبار بسيدي عبد ال

1.000.000

50

840

1.123

حـر

* الاستثمار الإجمالي مقسوم على عدد مناصب الشغل   

 

 

 

الشيء الذي نود إيصاله للقارئ هو أن المشاريع الصغرى أكثر خلقا لفرص الشغل و بتكلفة بسيطة من المشاريع الضخمة. هكذا لخلق منصب لشغل واحد في إطار مشروع ضخم يجب استثمار 183.333 درهم، بينما لا يتطلب الأمر إلاَّ 1.123 درهم في إطار مشروع صغير، و الأهم هو كون العامل في المشروع الضخم يكون مأجورا، بينما هو في التعاونية الصغيرة رب عمله، إن شاء عمل فلا يخاف من طرد أو تعسف.

 

و إذا ما التزمت العمالة بالإستراتيجية الوطنية و عملت على إدماج الصناعة التقليدية بين أولوياتها، فكيف سيتم تفعيلها تكتيكيا و كيف ستتم أجرأتها على أرض الواقع ؟ و كيف سيكون ذلك علما بأن القطاع، حسب ما عرضناه في المقالات السابقة، يشكو من العشوائية و يحتاج إلى مجهودات كبيرة قصد تأهيله قبل النهوض به   

 

التحسيس و التكون و التربية

 

قد يقول قائل بعد قراءة اقتراحات المتواضعة، بأننا نريد إعادة صنع العجلة، و جوابنا "لم لا"! و قد يقول آخر بأنها ستردنا إلى  الوراء، و لا نرى في ذلك عيبا ما دام الرجوع إلى الأصل أصل.

و أول اقتراح لنا لإعادة تأهيل القطاع هو الرجوع إلى التنظيم الذي يعتمد على الأمناء و المحتسبين. و يجب أن يتم ذلك بطريقة ديمقراطية عبر انتخابات نزيهة و شفافة تشرف عليها الغرفة المهنية. ولكن هذا يتطلب أم تكون هذه الأخيرة هي نفسها نتيجة مسلسل ديمقراطي، و هو ما قد نفاه الواقع في آخر استحقاق لسنة 2009. و السبب هو الأرضية الفاسدة التي تستوجب مجهودا جبارا يستمر طيلة الفترة النيابية التي دشنت بعد الانتخابات الأخيرة للغرف المهنية، من أجل إعادة تأهيل شريحة الصناع التقليديين. و من شروط إنجاح هذه العملية الأساسية لإرجاع الثقة هذه الشريحة هو إقحام الجمعيات بعد تقوية قدراتها في هذا المجال، كشريك أساسي في جميع العمليات التي يجب أن تـُبَرمَج بمهنية كبيرة.

و أول عمل يترتب القيام به هو الإحصاء التام للصناع التقليديين و تصنيفهم حسب التنظيمات (جمعيات أو تعاونيات) التي قد يكونون مأطرين فيها. ثم بعد ذلك، يتم تزويدهم بالبطاقة المهنية التي يجب أن يراجع ثمنها حتى تكون في متناول الجميع. مبدئيا، يقتضي تسليم بطاقة الصانع التقليدي موافقة لجنة مكونة من أمين الحرفة مرفوقا بمعلمين اثنين مشهود لهما بالخبرة في الميدان الذي ينتمي إليه صاحب الطلب، و رئيس الغرفة أو من يمثله، و مندوب وزارة الصناعة التقليدية أو من يمثله. تتأكد اللجنة من هوية صاحب الطلب الذي عليه أن يدلي بالحجج و القرائن التي تثبت إلمامه بالحرفة التي يمتهنها حتى يقنع أعضاء اللجنة بكفاءته.

 

بعدما يتم الانتهاء من إحصاء الصناع، يجب أن تبرمج لصالحهم دورات تحسيسية و تكوينية لتقوية معرفتهم  بهويتهم و تدريبهم على ممارسة حقوقهم المهنية و السياسية كصناع تقليديين. و سيكون من المفيد مواكبتهم إلى حدود الانتخابات المهنية المقبلة، لضمان انخراطهم بمسؤولية في هذه الاستحقاقات. و للحديث بقية

 

محمد لعبادي

Rédigé par Laabadi's

Publié dans #ETUDES

Repost0
Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article